بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة على خير المرسلين،،،
الأخوة القراء والمتابعين من المهتمين بالتاريخ والأدب وعلم الاجتماع الخاص بالقبائل العربية وغيرهم من هواة الاطلاع والمعرفة بشتى أنواعها.
إنما نقدم لكم هذه الموسوعة استكمالا لما تم نشره من منشورات ومدونات عن قبيلة عنزة أو غيرها من العشائر أو القبائل، ولكن -ومع احترازنا من الانتقاص من أي قبيلة- تبقى هذه المدونة الأشمل والأكبر والأكثر ثراء بالمعلومات والمخطوطات والوثائق والصور، فالكثير من كتب التاريخ الحديث ومنشورات المستشرقين تزخر بذكر قبيلة عنزة والتي هي في الحقيقة مجموعة قبائل إن صح التعبير أو حتى شعب كامل، لأن قبيلة عنزة في العصر الحالي هي تجمع قبائل ربيعة كافة والتي هي ربع العرب ونصف العدنانيين، فإن قابلك يوما شخص وقال لك أنا من قبيلة عنزة أكبر قبائل العرب كافة فلا تستنكر ذلك فهم ربع العرب باختصار، وهذا ما جعلها في أحد التصنيفات التي نشرت مؤخرا القبيلة الخامسة على مستوى العالم من حيث العدد واتساع الانتشار الجغرافي، وهذا شيء موثق تاريخيا واجمع عليه المؤرخين ذوي الاختصاص، ومن هنا جاء اسم (موسوعة قبيلة عنزة) لثراء المحتوى وضخامة القبيلة.
ويدل على كثرة عدد قبيلة عنزة والتي هي تجمع قبائل ربيعة قول الشاعر النابغة الجعدي في قصيدته المشهورة والتي قالها أمام الرسول صلى الله عليه وسلم:
حسبنا زمانا كل بيضاء شحمة … ليالي إذ نغزو جذاما وحميرا
إلى أن لقينا الحي بكر بن وائل … ثمانين ألفا دارعين وحسرا
سقيناهم كأسا سقونا بمثلها … ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
فإذا كان عدد بكر بن وائل قبل الإسلام وهم بطن من بطون وائل التي هي بدورها بطن من بطون ربيعة، كانت ثمانين ألفا فما بالنا بعدد ربيعة كافة.
وإن قال البعض أن قبيلة عنزة الحالية هم أبناء عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد عدنان،
وقال اخرون أن قبيلة عنزة هم أبناء وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة، حتى أنه درج لدى بعض كبار السن من قبيلة عنزة أنهم كانوا يسمعون من أسلافهم أن ضنا مسلم وهو النصف الأول من قبيلة عنزة ويضم الرولة والمحلف وولد علي والمنابهة هم أبناء بكر بن وائل، بينما يكون ضنا بشر وهو النصف الاخر من قبيلة عنزة ويضم العمارات والفدعان والسبعة وولد سليمان هم من نسل تغلب بن وائل، مع ملاحظتي الشخصية ضعف هذه الرواية التي لا تستند إلى شواهد منطقية ولا مراجع تاريخية، فلو عدنا إلى زمن ليس ببعيد نجد قصيدة الشيخ طراد بن فندي بن ملحم شيخ الحسنة في منتصف القرن الماضي يقول في أبيات له:
حنا بني وائل على روس الأشهاد … صفوة ضنا عدنان من ساس وجدود
من دور تغلب ما لنا قط سياد … نظلم ولكن ما ظلمنا ثقل عود
وفي رواية أخرى:
تغالبة سدنا القبايل ولا نساد … نظلم ولكن ما ظلمنا ثقل عود
نجد في هذا البيت أن الشيخ يدعي أنه من تغلب بن وائل مع العلم أن الرواية المتداولة شفهياً أن الحسنة من المنابهة من ضنا مسلم من بكر بن وائل وليس من تغلب، وكان الأحرى بالشيخ طراد بن ملحم أن يقول: من دور بكر ما لنا قط سياد أو بكريون سدنا القبايل ولا نساد.
أما القول الثالث فهو أن قبيلة عنزة الحالية هم أبناء عنز بن وائل الأخ الثالث لبكر وتغلب، وهذا القول ضعيف أيضا لأن قبائل عنز بن وائل هي أراشه ومنهم عسير ورفيدة وغيرها كانت ولا زالت في نفس المنطقة الجغرافية من قبل الإسلام حتى عصرنا الحالي، وهم في الحقيقة ليسوا أكثر من أبناء عم لقبيلة عنزة الكبرى لأنهم لم يخلوا تحت هذا المسمى الشامل وبقوا يحتفظون بأسمائهم القبلية الخاصة، فقبيلة أراشة بن عنز بن وائل قد حالفت قبيلة شهران، بينما حالفت رفيدة عنز قبيلة رفيدة قحطان حتى يومنا هذا، وقد ذكرها الهمداني بالتفصيل في كتابه الشهير الأكليل، مع العلم أن جميع قبائل رفيدة قحطان حميرية قحطانية، باستثناء ثلاثة قبائل من رفيدة وهي بنو تميم وبنو وهب وبنو فهم ابناء عنز بن وائل النزارية